لمحة تاريخية عن نشوء صناديق ضمان أموال المودعين والمؤسسات المالية المماثلة

ظهر أول نظام لضمان الودائع المصرفية في العالم عام 1829 في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم قامت عدة ولايات أخرى بإنشاء نظم مماثلة ، ومع نهاية القرن التاسع عشر اختفت جميع أنظمة ضمان الودائع ، وذلك لعدة أسباب من أهمها :-
– عدم كفاية رأس مال المصارف .
– النقص في السيولة لدى المصارف ، وإفلاس العديد منها .
– الأزمات المالية المتلاحقة خلال فترات قريبة ألأمر الذي أثر بشكلٍ واضحٍ على قدرة المصارف على الوفاء بالتزاماتها .
– رداءة المواسم الزراعية لعدة سنوات متتالية .
كل ذلك وضع عبئاً ثقيلاً على أنظمة ضمان الودائع في تلك الفترة ، هذا بالإضافة إلى عدم وجود مقرض أخير لتلك المصارف يساعدها على تجاوز الأزمة ، أو التقليل من حدتها ذلك أن البنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لم يكن قد أنشأ بعد .
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول دولة تنشئ نظاماً لضمان الودائع على مستوى الولاية ، إلا أن دولة (تشيكوسلوفاكيا) التي قسمت في نهاية القرن الماضي إلى دولتين (التشيك – السلوفاك) ، تعتبر أول دولة أنشأت نظاماً متطوراً لحماية الودائع والقروض ، فقد أنشأت تشيكوسلوفاكيا في ذلك الوقت صندوقين ، أحدهما (صندوق الضمان الخاص) والذي خُصص لمساعدة المصارف على إستعادة خسائرها الناجمة عن الحرب العالمية الأولى ، والآخر (صندوق الضمان العام) والذي يهدف إلى تشجيع المواطنين على الإدخار بالمصارف ، وذلك بزيادة درجة الحماية والسلامة للودائع المصرفية ، وبالتالي مساعدة المصارف على النمو والتطور .
وفي عام 1933 م ، صادق الكونجرس الأمريكي على قانون المصارف الذي كان يهدف إلى معالجة العيوب التي ظهرت على النظام المالي والمصرفي الأمريكي ، والذي أدى إلى فشل الكثير من المصارف خلال فترة الكساد الكبير ، وبموجب هذا القانون الذي صدر في بداية العام 1934 م ، “أنشأت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع” لتدير نظام التأمين على الودائع لدى المصارف التجارية ، وبعد مُضي فترة أي في العام 1960 م ، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء صندوق يسمي”صندوق تصفية المصارف” . بعد ذلك توالت الدول في إنشاء مؤسسات تهدف إلى التأمين على الودائع ، حيث قامت عدد من الدول الأوروبية ، وبعض دول العالم الثالث ، بإنشاء صناديق لضمان الودائع ، حيث قامت ألمانيا عام 1974 م بإنشاء صندوق خاص لحماية أموال المودعين بعد انهيار مصرف (هيرشتات) ، كما أنشأت المملكة المتحدة نظاماً لحماية المودعين عام 1979 م ، وذلك بهدف مواجهة الأزمات الاقتصادية الحادة التي مرت بها خلال تلك الفترة ، وأقامت إيطاليا في 1982 م نظاماً لحماية الودائع المصرفية ، تلتها في ذلك فرنسا عام 1985 م عقب انهيار البنك الفرنسي السعودي .
أما في العالم العربي ، فتعتبر لبنان أول دولة عربية إهتمت بإنشاء نظام لحماية المودعين ، وذلك حيث أنشأت المؤسسة الوطنية لضمان الودائع المصرفية وذلك فى العام 1967، ثم حذت حذوها فيما بعد بعضٌ من الدول العربية ، حيث أنشأت دولة البحرين مجلساً لحماية الودائع وذلك عام 1993 م ، تلتها السودان عــام 1996 م لمواجهة افلاس مصرف الاعتماد ، ثم الأردن بإنشاء مؤسسة لضمان الودائع عام 2002 م لمواجهة أزمة إفلاس مصرف البتراء ، وفي العراق أقرَ البنك المركزي عام 2008 م إنشاء شركة مختلطة لضمان الودائع نوقش قانونها حالياً إلا أنه لم يصدر بعدُ كما أن الجزائر تبنت هذا النظام من خلال بناء إدارة تتبع البنك المركزي تعمل على حماية أموال المودعين ، وفي الكويت أنشأ صندوق لضمان الودائع إبان الاجتياح العراقي لها ، وكان الهدف منه مواجهة تلك الأزمة تحديداً .
ومما تجدر الأشاره إليه، أن الأزمة المالية العالمية التي مرَ بها على العالم موخراً وتوابعها، والدور الذى لعبته صناديق ضمان أموال المودعين فى الحد من آثارها، جعلت العديد من الدول تفكر جدياً فى إنشاء صناديق لضمان اموال المودعين، وهو مأحدى بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التوصية على ضرورة إنشاء هذه الصناديق لحماية اقتصاديتها وأنظمتها المصرفية والمالية من اية أزمـات قد تواجهها .

المصارف الأعضاء في الصندوق